إ دواء دم التنين! / بقلم : د. خالص جلبي* ~ يراع ـ البيضاوي

الأحد، 20 أغسطس 2017

دواء دم التنين! / بقلم : د. خالص جلبي*


د. خالص جلبي
زاحفة خطيرة من العظايا اسمها التنين الكومودو (Komodowaran) تعيش في إندونيسيا، لا ينجو من عضتها إنسان وحيوان. إن أفلت من أسنانها المنشارية شمت رائحته على بعد أربعة كيلومترات وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة فلحقته فازدردته بمتعة.
انتبه للظاهرة باحثون من معهد «مونيك فان هوك» في جامعة جورج ميسن في فيرجينيا ليبدؤوا البحث عن السر. فأي خطر ماحق ينتظر الضحية، من عضة هذا المخلوق البشع، بلسان ثعبان مشقوق، وبطول 3 أمتار، وبهرولة مخيفة وعضة منكرة؟

بفحص دم الضحية عرف الباحثون أن لعاب الوحش يحوي خطرين؛ ففضلا عن السم الناقع، فهو يقذف ضرباً من الجراثيم المخيفة، تنقل الذيافين إلى دم الضحية، فهو سم زعاف، وهو ثانياً يتعرض لموجة من ذيافين جراثيم فظيعة، فيصاب بتسمم دموي فيهلك مختنقاً مسموماً، فيأتي إليه التنين فليتهمه على مهل بشهية.

لكن الباحثين النهمين من معهد «مونيك فان هوك» قالوا: هذه واحدة من أسرار التنين، لكن لماذا لا يهلك هو بالسم الحافل به جسده، كذلك لا يتأثر من جروحه في المعارك التي يخوضها مع أقرانه، كما يحصل لغزال شارد وقرد غافل؟
التنين يفترس حيوانا
الجواب إذن هو في دم هذا الوحش، فلابد من فحصه. لذلك تقدم قسم خاص في الجيش الأميركي، متخصص في الخطط الدفاعية لتحييد الخطر، بمنحة قدرها سبعة 7 مليون دولار للمعهد المذكور، لإماطة اللثام عن السر المدفون في دم هذا التنين.

الواقع أن دوافع البحث ليست ترفيهية علمية، بل بفعل أمرين ملحين؛ أولا ولادة ذراري جديدة للجراثيم المقاومة لكل صاد حيوي، وثانياً عدم تصنيع أي صادات جديدة منذ فترة طويلة ودفعها للسوق. مثلا شركة «بفايزر» (Pfizer) المتخصصة في هذا المجال، أعلنت توبتها عن المتابعة منذ عام 2011 بسبب ضخامة التكاليف في أبحاث قد تنتج وقد لا تنجح. حسناً، ابحثوا في دم هذا الوحش وأضرابه من زواحف الأرض، فلعلكم للجديد واجدون! فعلا شمرت مؤسسة «مونيك» عن ساعدها وبدأت البحث. قالت: إن هذا المخلوق العجيب قد طور عنده الجهاز المناعي خلال ملايين السنين لصد أي جرثوم عنيد. وكل السر في دمه، فلنبحث فيه إذن. هناك في حديقة الحيوان بكاليفورنيا عظية من هذه الفصيلة، وهي ذكر مدلل يحمل اسم «توجا» (Tujah) بوزن 45 كغ وعمر 13 سنة، يربت على ظهره مربٍ حانٍ، ويحلب من ذنبه طبيب بيطري مقدار ملعقة من دم طازج، ويبدأ الفحص ليصدم بالمفاجأة؟

ليس صاداً حيوياً واحداً في دم هذا التنين، بل 48 نوعاً مختلفاً من الصادات! منها ثمانية أزواج، سبعة منها تنفع في القضاء على نوعين من أخطر أنواع الجراثيم المرتدة التي لا ينفع معها عقار صاد، هي المكورات العنقودية المذهبة والزنجارية، والثامنة على النوع الأخير.

ثم بدأت التجارب على الفئران بصب المادة على الجروح الخمجة لرؤية النتيجة، وكانت باهرة ومشجعة، لذلك ينبغي الانتقال نحو فصائل حيوانية أخرى.

هذا الكون الخلاب الذي نعيش فيه يعطينا جدلا عجيباً، عن أمور نراها سخيفة وضارة، من مخلوقات تبدو في أعيننا بشعة، ليكون كل الخير فيها.

وفي القرآن الكريم: «فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً». وعلينا تعديل مشاعرنا وأحاسيسنا تجاه العالم ومخلوقات رب العالمين. ومنه فالإعلان الجديد سيكون بداية لولادة عهد جديد، وجيل جديد من الصادات الحيوية، وتحديداً من ذيل هذا المخلوق العجيب. العلم يبحث في كل ركن وزاوية ومخلوق، وقد توصل إلى تركيب الإنسولين البشري من من جراثيم «الاشريشيا كولي». 

*  سوري ويحمل الجنسية الكندية ، حاصل على درجة الدكتوراه في الجراحة من ألمانيا الغربية عام 1982.

ـــــــــــــــــ
المصدر : الاتحاد

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب بلوغر ـ تطوير وتنسيق : يحيى البيضاوي