نبض اليراع نبض اليراع
twetter
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

أهل المدينة .. والسماع

يؤثر عن أهل المدينة المنورة منذ القدم خفة دم كبيرة وارتياح شديد إلى المزاح وانقطاع كامل إلى السماع ، وقد عرفوا بين الأمصار بذلك و شهد به كبراؤهم وعليتهم؛ من ذلك ما يروى عن عبد الله بن جعفر الطيار أنه قال : أنا لي عند السماع هزة لو سئلت عندها لأعطيت، ولو قاتلت معها لأبليت.  وقال رجل لابن جعدبة (أنصاري) : يا أبا الحكم؛ الرجل الذي يشدو بالأصوات ما ترى فيه ؟ قال: سبحان الله .. ! كُنا إذا أتت على الرجل أربعون سنة لا يحسن عشرة أصوات عددناه من أهل بقيع الغرقد يعني الموتى.

وكان الأقوص المخزومي قاضي المدينة نائما ، ذات ليلة، فمر به سكران يتغنّى ويلحن في غنائه فأطلّ عليه القاضي ، وقال له : يا هذا؛ شربت حرامًا، وأيقظت نيامًا، وغنيت خطأ، خذ عني ..  وأصلح له الغناء.

أبو ريحانة يبيع شملة تستره من أجل الغناء :

ونقل أبو العيناء عن الأصمعي أنه قال : مررت بدار الزبير بالبصرة، فإذا بشيخ من أهل المدينة من ولد الزبير يكنى أبا ريحانة جالس بالباب وعليه شملة تستره ، فسلمت عليه وجلست إليه؛ فبينا أنا كذلك إذ طلعت علينا سوداءُ تحمل قربة، فلما نظر إليها لم يتمالك أن قام إليها وقال لها: غنني صوتًا، فقالت: إن موالي أعجلوني، قال: لا بد من ذلك، قالت: أما والقربة على كتفي فلا، قال: فأنا أحملها: فأخذ القربة منها فحملها واندفعت تغني:

فؤادي أسيرٌ لا يفكّ ومهجــــــتي

 تقضّى وأحزاني عليك تَطـــولُ

ولي مقلةٌ قرْحَى لطول اشتياقها

 إليك .. وأجفاني عليك هُمــولُ

فديتك، أعدائي كثيرٌ وشُقّـــتي

 بعيد وأشياعي لديـك قليــــل

وكنت إذا ما جئت جئت بعلّة

 فأفنيت علاّتي فكيف أقــــول !

فأخذت الشيخَ نشوة عجيبة وصرخ ، وضرب بالقربة فشقها، فقامت الجارية تبكي، وقالت: ما هذا بجزائي منك، شفّعتك في حاجتك، فَعرّضتني لما أكره من مَوالي ..! فقال: لا تغتمي فالمصيبة علي حصلت، ونزع الشملة التي يستتر بها  ، ووضع يدًا من قدام ويدًا من خلف، وباعها وابتاع لها قربة وقعد بتلك الحال؛ فاجتاز به رجل من ولد علي رضي الله عنه، فعرف حاله فقال: يا أبا ريحانة؛ أحسبك من الذين قال الله عزّ وجل فيهم: " فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ " . قال: لا، يا ابن رسول الله، ولكني من الذين يقول الله لهم: " فَبَشِّرْ عِبَادِي الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ " . فضحك وأمر له بألف درهم.

تم النقل  بتصرف  من كتاب  : جمع الجواهر في الملح والنوادر للحصري*

ــــــــــــــــــــــــ

* هو  إبراهيم بن علي بن تميم الأنصاري ( ت 453 هـ ) ، أبو إسحاق الحصري: أديب نقاد. من أهل القيروان. نسبته إلى عمل الحصر. له كتاب (زهر الآداب وثمر الألباب - ط) ومختصره (نور الطرف ونور الظرف - خ) [ثم طُبع] و (المصون في سر الهوى المكنون - خ) في مكتبة عارف حكمت، في المدينة (الرقم 772) و (جمع الجواهر في الملح والنوادر - ط) وله شعر فيه رقة، وهو ابن خالة الشاعر أبي الحسن الحصري ناظم :

يا ليل الصب متى غده      أقيام الساعة موعده ؟!       ( افتح الرابط لتقرأ القصيدة كاملة )
 
نقلا عن : الأعلام للزركلي ، ص :ج1 /50

كاتب الموضوع

نبيض اليراع

2 تعليق على موضوع : أهل المدينة .. والسماع

  • اضافة تعليق
  • عجيب مركز الوحي و مأرز الإيمان و منطلق الدولة الاسلامية ترميهم أنت بهذا الوصف ما أجرا قلمك !

    وهل في هذا تهمة؟ سبحان الله


    الأبتساماتأخفاء الأبتسامات



    إتصل بنا

    التسميات

    أعلن هنا

    عدد زوار المدونه

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    نبض اليراع

    2023