إ لكنّ ديمي .. ستبقى.. في وجداننا ~ يراع ـ البيضاوي

الأحد، 5 يونيو 2011

لكنّ ديمي .. ستبقى.. في وجداننا

لم يولد أي شخص في هذه الدنيا إلا ليموت، بيد أن فنانتنا الراحلة قد قرر لها القدر أن تولد لتبقى ، وأن تعيش لتظل خالدة، حية مآثرها، وحاضرة إبداعاتها إلى الأبد ...

لم تكن ديم سوى "ديمة هطلاء" تنشر السرور وتوزع " الظلال والعبيرا " ، تحيي في الأنفس الأمل وتعيد للإنسان السوي توازنه وتمده بأدوات التحدي ليتجاوز مطبّات هذه الحياة بآلامها وأحزانها ..

لقد وجدتني في ثمانينات القرن المنصرم مشدوها بنبرات لم أتعرف على قسمات وجه صاحبتها إلا لاحقا عبر الشاشات الصغيرة ، لكنها كانت تبالغ في أسرنا كشباب ، كنا نسبح معها في غياهب الشعر الفصيح طورا عند ما تردد بصوت ندي شجي " أراك عصي الدمع شيمتك الصبر " (فنتصبر) حينها على آلام الواقع ونخطو مع النّغَم في سماء الأمل خطوات مشهودة ... وكانت الأنفس تهيم في وجدان الكلمات التي تنتقيها بعناية ،فتذوب في ثناياها ، من شعر التفعلة ، أحيانا ، مع شاعر الشام نزار قباني ، أو الشعر العامي الملحون ، في أروع صوره ، وعبر مراحله المتعددة ...

كنا يومها نقول ، في نوع من الزهو: إن الله سبحانه شكل وجدان مجتمعنا من التفاعل الحاصل بين ثالوث له كيمياؤه الخاصة به ، ألا وهو: الشاي الأخضر ، والشعر ، وديمي بنت آبه .
لقد كانت الفنانة الراحلة جزءا من واقعها الاجتماعي تغني من واقع حياتها وفي وعي كامل برسالتها .. فغنت للاستقلال الوطني وغنت للقضية الفلسطينية ، وغنت للكثير من القضايا الوطنية والاجتماعية  الأخرى  .. ولكنها كانت مدركة ، في كل ذلك ،  لأثر الفن في صقل القيم وتوجيه الأخلاق .. وكانت رؤيتها في الفن تتساوق، عمليا ، مع رؤية فقيه الأندلس وأديبها ابن عبد ربه  الذي يقول : " ... و قد يتوصل بالألحان الحسان إلى خيري الدنيا و الآخرة، فمن ذلك أنها تبعث على مكارم الأخلاق من اصطناع المعروف وصلة الأرحام و الذب عن الأعراض و التجاوز عن الذنوب ".
وهي رؤية متطورة  للفن،  لم يقترب منها الغرب إلا مؤخرا مع بيتهوفن حينما قال : " الموسيقى وَحْيٌ يعلو على كل الحِكم و الفلسفات " .
ولو لم يقل مارتن لوثر قبلي في مطربته جاكسون قولته الشهيرة: "لم يأتِ صوت كصوتها إلا مرة في كل ألفية" لقلت إنني أخشى أن لا يأتي الزمان بصوت كصوت ديم بنت آبه إطلاقا .. وهو في ذلك غير مليم ...
سائلا المولى أن يتغمدها بسحائب مغفرته وأن يرحم السلف ويبارك في الخلف، إنه سميع مجيب .

وإنا لله وإنا إليه راجعون ،،،

1 التعليقات:

احمد يقول...

والله لكان من الأحسن لها أن تتركوها دون هذ التأنيب الذي هو في الحقيقة شهادة عليها لالها ويحكم جميعا إن لم تقلعوا عن هذا الغي وركوب الهوى وسماع المحرمات بل إنكم من خلال هذه الشهادة تعملون على نشر ما حرم الله وإذاعته في الناس فهل أنتم منتهون ؟

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب بلوغر ـ تطوير وتنسيق : يحيى البيضاوي