ويترجل فارس الشعر والأدب .. الدكتور محمد ولد عبدي

الفقيد : د . ولد عبدي - رحمه الله -

يودع الموريتانيون اليوم ، بكل حزن وأسى ، قامة أدبية وفكرية وإنسانية  يندر أن تتكرر عبر تاريخهم الحديث. إنه الدكتور محمد ولد عبدي رحمه الله برحمته الواسعة ؛ كنت كغيري من أبناء هذا الوطن أتغني بشعر هذا الرجل و أندهش أمام


 الشاشة عندما أصادفها في أحايين قليلة وقد امتلأت بشخصه الجذاب يتطارح الرأي مع مضيفيه حينا ويقرض لهم الشعر في أحايين أخرى  فيشنف الأسماع ويزيل به الهموم والأوجاع ، ولم أكن  يومها قد حظيت بلقائه مباشرة ، مع أنني و إياه من سكان منطقة واحدة ، إلا أنه كان - رحمه الله -  قد غادر الوطن في وقت مبكر للدراسة أولا ثم للعمل ثانيا في الخليج حيث استقر به المقام في الإمارات العربية المتحدة.

  ولم أحظ بالجلوس معه والحديث إليه إلا في الآونة الأخيرة بعد أن أتعبه المرض  - للأسف الشديد - وكنت أقول في نفسي أثناء تلك الجلسة الجميلة ، ليتني كنت قد حظيت بمجالسة هذا الرجل قبل هذا الأوان .. إن من هذا حديثه وذاك عطاؤه في هذه المرحلة المتأخرة من المرض فكيف سيكون قبل هذا عندما كان معافى في بدنه سليما في سربه مجتمعا إليه شبابه ونضارة جسمه ..؟؟  . و أذكر أنني في جلستي الأخيرة التي جمعتني به في بيته بالمدينة المنورة -عليه رحمة الله - مع جمع من الشباب الموريتانيين الذي ليدهم اهتمامات واسعة بالفكر والثقافة والأدب كنا قد ناقشنا قضايا تتعلق بالوطن ، ولما آل الحديث إليه تناول الموضوع بمنهجية جميلة حلل فيها الموضوع تحليلا وافيا أبهر الحاضرين , وأبان فيه عن اطلاع واسع وتتبع دقيق لقضايا الوطن عبر مراحله التاريخية . أخذت القلم وسجلت بعض النقاط التي تطرق إليها في حديثه الشيق آنذاك، ثم عمدت إلى نشرها حتى تعم الفائدة . وبعد أسابيع من نشر الموضوع اتصلت به هاتفيا لأطمئن على صحته وأثناء الحديث أخبرني أنه  اطلع على الموضوع وأعجب به كثيرا.

لم يكن محمد ولد عبدي أول راحل من عالمنا هذا ، ولن يكون هو الأخير، لكنه بالتأكيد كان من الشخصيات القليلة  التي حظيت بإجماع نادر من مواطنيها على اختلاف مشاربهم الفكرية و الثقافية والسياسية ، وممن تعرفوا عليها خارج حدود الوطن،   على مكانته الأدبية والأخلاقية العالية ، وبرحيله اليوم يخسر الوطن شخصية أدبية رائعة مثلته خير تمثيل في محافل وطنية وإقليمية ودولية لن يستطيع الوطن بأسره سد الفراغ الذي تركته بسهولة ..  سائلا المولى أن يتغمده بشآبيب رحمته وواسع مغفرته وأن يجعل البركة في خلفه إنه سميع مجيب .

وإنا لله وإنا إليه راجعون ،،

تصنيف : أعلام وأقلام