إ من نوادر الأدباء : ( غناء جارية ولحنها بين يدي الواثق بالله ) ~ يراع ـ البيضاوي

السبت، 10 أبريل 2010

من نوادر الأدباء : ( غناء جارية ولحنها بين يدي الواثق بالله )

نقل ابن حجة في كتابه ثمرات الأوراق عن محمد القاسم بن علي الحريري صاحب المقامات أن أبا العباس المبرّد ( بكسر الراء وفتحها والأول أشهر ) روى أن بعض أهل الذمة سأل النحوي أبا عثمان المازني أن يعلمه الكتاب ( كتاب سيبويه ) وبذل له مائة دينار في تدريسه إياه فامتنع أبو عثمان من ذلك، فقال له المبرّد جعلت فداك أترد هذه النفقة مع فاقتك واحتياجك إليها، فقال أبو عثمان هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة حديث وكذا آية من كتاب الله ولست أرى أن أمكن منها ذميا غيرة على كتاب الله تعالى وحمية له.

قال فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق من شعر العرجي:

أظَلُومُ إنّ مُصَابَكُمْ رَجُلاً    أَهْدَى السّلامَ تَحِيّةً ظُلْمُ

فاختلف الحاضرون في إعراب "رجلا" فمنهم من نصبه وجعله اسم إن، ومنهم من رفعه على أنه خبرها، غير أن الجارية أًصرت على النصب وقالت إن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب فأمر الواثق بإشخاص أبي عثمان .

قال أبو عثمان : فلما مثلت بين يديه قال : ممن الرجل؟ قلت: من مازن يا أمير المؤمنين. قال: أي الموازن قلت من مازن ربيعة فكلمني بكلام قومي وقال بَااسمك ؟ لأنهم يقلبون الميم باء والباء ميما إذا كانت في أول الأسماء فكرهت أن أجيبه على لغة قومي لئلا أواجه بالمكر، فقلت : بكر يا أمير المؤمنين ففطن لما قصدته وأعجبه مني ذلك، ثم قال: ما تقول في قول الشاعر:

أظَلُومُ إنّ مُصَابَكُمْ رَجُلاً    أَهْدَى السّلامَ تَحِيّةً ظُلْمُ

أترفع رجلا أم تنصبه ؟ فقلت: الوجه النصب يا أمير المؤمنين. قال ولم ذلك ؟ فقلت إن مصابكم مصدر بمعنى إصابتكم ... فأخذ الزّيدي في معارضتي ، فقلت: هو بمنزلة قولك: إنّ ضربَك زيداً ظلمٌ؛ فالرجل مفعول مصابكم ومنصوب به والدليل عليه، أن الكلام متعلق إلى أن تقول ظلم فيتم ، فاستحسنه الواثق وأمر لي بألف دينار. قال أبو العباس المبرّد فلما عاد أبو عثمان إلى البصرة قال لي كيف رأيت ..! رددنا لله مائة فعوضنا ألفاً.

نقلا عن كتاب ثمرات الأوراق لتقي الدين بن حجة الحموي ، بتصرف .


0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب بلوغر ـ تطوير وتنسيق : يحيى البيضاوي