إ مجلس السلم الإفريقي .. وهيمنة المجانين ..!! ~ يراع ـ البيضاوي

الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

مجلس السلم الإفريقي .. وهيمنة المجانين ..!!

مجلس السلم الإفريقي وهيمنة المجانين صدر القرار الأخير لمجلس السلم الإفريقي وأثار دهشة المراقبين للوضع الإفريقي عموما والموريتاني تحديدا ، إذ لم يكن أحد يتوقع أن يَقدُم الاجتماع القاري بأديس أبابا على خطوة من هذا القبيل ، لأن أي خطوة غير محسوبة لزعماء هذه القارة المتهالكة قد تضع حدا لذلك الكيان العجيب بكل ما في الكلمة من معنى .
ولا شك أن الخطوة التي أقْدَم عليها زعماء ذلك التجمع أخيرا تجاه موريتانيا العضو المؤسس والفعال في ذلك الكيان كانت غير مدروسة أبدا ، ولربما كان بعض الزعماء قد أقدم عليها في غياب تام للوعي بفعل أثر الصدمة التي أحدثها حصوله على الزعامة التي لطالما تغنى بها ودفع من أجلها كل غال ونفيس من المبادئ والقيم والأخلاق بل ومن ثروات الشعوب المسكينة ، حتى ولو كانت تلك الزعامة منصوبة على هيكل من ورق .
لقد كانت توقعاتنا أن يشرب الحاضرون النخب بمناسبة ذلك التتويج ، لأنه هو الغاية والمقصد من أي تحرك كان يحصل داخل عواصم القارة منذ فترة ، فلم نكن نتوقع منهم أبدا أن يضعوا خططا لتجاوز حالات الفقر المدقع التي تغرق فيها القارة ولم نكن نتوقع منهم أن يكرسوا جهودهم الحقيقية لعلاج الملايين ولا أن يضعوا خططا لوقاية الملايين الأخرى في أخاديد القارة السمراء التي عاثت فيها الأمراض الفتاكة يمنةً ويسرةً .
بل ولم نكن نتوقع منهم أبدا أن يُقَدَِّموا تَصوُّراً للتنمية البشرية، أو رؤيةً لنموذج ديمقراطي فعال وحقيقي تستظلل به الشعوب المسكينة من رمضاء الجلادين في أجهزة القمع والظلم والبطش داخل بلدان القارة ، و لا أن يسمحوا للإنسان لديهم بأدنى حقوقه كبشر له الحق في أن يتعلم ويتعالج أو يسأل عن أسباب الفساد المدمر لبلده ... كل ذلك لا أحد كان يتوقعه أبدا ، لأن زعماء القارة لا يمتلكون الإرادة أصلا لذلك ، ولكننا أيضا والحق يقال لم نكن نتوقع منهم أن يتركوا حُمَيَّّا الزعامة تلعب برأس زعامتهم الافتراضية إلى هذا الحد الذي يجعل جهود التجميع التي قام بها أصحاب الرأي والنظر السديد منذ عشرات السنين تصبح على كف عفريت، لأن فيهم عقلاء وأصحاب حكمة بدون شك .
صحيح أن المنظمة القارية لم تستطع تجاوز مستويات التجميع حول الفكرة إلى الإقدام لحل مشاكلها لكن ذلك أحسن من أن يتفرق كل شيء وتضيع تلك الجهود سدًى لأن بعض الزعماء تحلو له ممارسة السادية بعد أن أنهك شعبه ودمر قيمه وبذَّر اقتصاده في الإرهاب وفي زرع القلاقل وتنمية المشاكل بين الشعوب ، وبعد أن قلّم الغربُ أظافره العشرين انكفأ على القارة الإفريقية ليستغل الجوع والمرض ووطأة الديون المتراكمة ليمارس ساديته مجددا هناك .
إن القرار الذي اتخذه المجلس لم يكن موفقا بأي مقياس ، فتنمية القارة لا تتأتى عبر تكريس الظلم وأحادية الرأي وتغييب الشعب عن تسيير بلدانه ، فلن يقتنع أفريقي أبدا بأن قرار المجلس المذكور يحارب الانقلابات ويريد الديمقراطية و كل الناس يعلمون أن زعيمه الجديد جاء على ظهر دبابة قبل أربعين سنة ولا يفكر أبدا في مغادرة القصر الذي دخله على حين غفلة من أهله ، ولم يجر انتخابات نزيهة في يوم من الأيام ، بل إنه يهيئ شعبه المسكين لتوريث العرش للأبناء حتى ولو لم يكونوا بررة .
ولن يقتنع أي أحد في إفريقيا بأن القرار الجائر لمحاصرة موريتانيا كان صائبا ويبحث عن مصلحة وهو مدعوم من طرف دول مثل الجزائر التي انقلبت على الانتخابات الشرعية والتي لا تزال حتى الآن ترفض أن تعتذر لجبهة الإنقاذ التي فازت في الانتخابات وأقام الجيش انقلابه الفظيع عليها ، ولم يقتنع أحد كذلك في هذه القارة بأن ذلك القرار تراد به مصلحة وهو مدعوم كذلك من طرف زين العابدين الذي جاء على ظهر مصفحّة قبل ثلاثة عقود ولا زال متشبثا بمقعدٍ انتزعَه بالنار و الحديد ويمارس كل محظور إنسانيا وأخلاقيا للتمسك به ، و نفس الكلام يقال عن مصر حيث يجلس كبيرهم " الذي علمهم السحر" ثلاثة عقود ونيف لا يفكر في مغادرة عرش مصر العظيمة، وعن يساره البشير في السودان العزيز الذي جاء بانقلاب ولا زال يواصل انقلاباته الداخلية حينا بعد آخر ،وفي بلدان جنوب الصحراء ما فيها من مشاكل لن نتطرق إليها الآن ،،،
إن هذا الواقع الأليم الذي تعيشه إفريقيا لن يتغير بمثل هذه القرارات التي تكرس الجمود والتخلف وتعمل على فرض الأمر الواقع ، فهيهات أن تُحمَى تلك العروش بقراراتٍ جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع ، فالخلاص الحقيقي لشعوبنا لن يكون إلا من خلال تكسير الكراسي الآسنة التي دمرت البلاد والعباد وأهلكت الحرث والنسل ,ولن يأتي من فاسد كرس أسباب الهوان والذل في بلده والتهم خيرات شعبه . وليعلم الجميع أن موريتانيا ، وليست وحدها في ذلك ، لا تتوقع خيرا يأتيها من طرف أوكار المجاعة والمرض والذل ، ولن تنصاع لهيمنة ديكتاتوريات متغطرسة مجنونة ، لم تجر على شعبها إلا الويل والعار .
وليقتلعونا من اليابسة إن استطاعوا ، فالغرق أولى عندنا من الهوان. والاستقرار في ظل العجز والضياع وفقدان الهوية وتلاشي الذات ليس استقرارا بل هو جريمة تخدير، وتغييبٌ مقصودٌ للوعي . إننا شعب قوي الشكيمة ألفنا الصحراء وتربينا على كثبانها الحرة وتحت أشعة شمسها الطليقة ، ولم نتعود أن يكون بيننا وبين سماها أي شيء مهما كان شكله يَحجبنا عن متابعة التأمل في ملكوت الواحد الديان ، وعبر تاريخنا لم نُقَد بدون رضانا ومن ذلك الرصيد لا زلنا نمتحي عزتنا وكرامتنا ومنه سنبني شعبنا وأمتنا العظيمة وليخسأ التملق والضعف و لينكفئ العار بعيدا نحو أوكار المهانة التي ترضاهُ سيداً وتعبده من دون الله .
ولا شك أن الانسحاب من منظمة بطيئة التحرك، فارغة المضمون، كان واردا قبل أن يتربع على إدارتها المجانين واليوم بات يفرض نفسه بإلحاح .
وأعتقد أن غلق باب التغيير بمثل هذه القرارات هو تغطية للفساد الراكد والثاوي في مفاصل الحكومات المتغطرسة في قارتنا المريضة حيث يضمن هذا القرار استمرار الحاكم إلى الأبد إذ هو لن يسعى في تغيير نفسه بدليل أن معظم الانتخابات في القارة مشكوك في صدقيتها ، وأن حكامها لا يسعون أبدا في التغيير ، والذي يسد باب التغيير عبر الانقلابات في الحقيقة هو التنمية بمفهومها الشامل واحترام الإنسان و اعتباره في أرضه جزءً من صناعة القرار وعنصرا من عناصر إدارة المجتمع والحكومة ،و خلق ثقافة التغيير السلمي في البيئة الاجتماعية حتى لا تُستغل حالات التغيير السلمي والطبيعي استغلالا سيئا يناقض مبادئ العدالة والتنمية الحقة .
وأخيرا أهيب بالشعب الموريتاني أن يلتف حول مؤسسة الجيش الوطنية لتفويت الفرصة على النفعيين والمتاجرين بالقضية وعلى أولئك الذين يشكلون لهم السند في الخارج،وحتى نجنب أمتنا مزالق الخطر ، وأسباب الفتن والتناحر.ولا شك أن شعبنا العزيز قادر على دحض مقولات الأعداء في التلاحم و الصبر والتناصح ، وفي سبيل الحرية والتقدم تهون الصعاب .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب بلوغر ـ تطوير وتنسيق : يحيى البيضاوي